«قبل زفافي بيوم، ذهبت الى إحدى المغاسل لإحضار ثوبي استعدادا لهذه المناسبة الغالية على قلبي، لكني لاحظت أن العامل أخذ وقتا طويلا وهو يبحث عنه، وحين سألته عن سبب تأخره، اعتذر على التأخير وطلب الانتظار، ونظرا لانشغالي ذهبت لأكمل بعض أعمالي، لأعود إليه مرة أخرى لاعتقادي أنه سيجده لا محالة وألا داعي للقلق، وبعد ساعتين تقريبا عدت إليه، فكانت الفاجعة حينما أخبرني إنه لم يجد ثوبي الجديد، وبعد مهاترات وجدل طويل، فكرت في أنني مهما فعلت لن يعود ولا وقت لخياطة ثوب آخر، ولكن ما أنقذ الموقف أن لدي ثوبا آخر لم ألبسه إلا مرات قليلة، فاستعنت به لحضورالمناسبة».
القصة التي يرويها محمد عثمان الجابري (28 عاما) من جدة، تعكس جانبا من المواقف المحرجة التي يصادفها البعض أثناء تعاملهم مع مغاسل الملابس، فيما تشير القصة من جانب آخر إلى إهمال بعض العاملين في هذه المغاسل مع زبائنهم، فضلا عن اتهامهم بخلط ملابس الزبائن بعضها مع بعض خلال الغسيل وعدم اهتمامهم بالنواحي الصحية، ولائحة الشروط والأنظمة التي فرضتها عليهم الجهات الرسمية، إضافة إلى ضعف آليات مراقبتها، ما زاد في تجاوزاتها، وساهم في انتقال بعض الأمراض الجلدية والحساسية بسبب استخدامهم بعض المنظفات الرديئة، التي تزيد من إصابة الأشخاص المصابين والمعرضين للحساسية.
جولة «عكاظ» في عدد من المغاسل المنتشرة في المناطق، كشفت المزيد من المواقف المحرجة والمخالفات، ما يدعو لتشديد الرقابة وتطبيق العقوبات على هذه المغاسل؛ حفاظا على الصحة العامة.
شماغ عقد القران
في قصة أخرى يروي عدنان الغامدي من جدة قائلا: اشتريت ثلاثة أشمغة استعدادا لعقد قراني، وقبل المناسبة بيوم أدخلتها للكي في مغسلة خمسة نجوم، ولكن لم أتوقع قبل عقد القران بساعات قليلة أن يبلغني عامل المغسلة بأنها فقدت، ولم أجد حلا غير أن أتوجه الى إحدى الأسواق وأشتري شماغا بديلا، وأذهب به إلى مغسلة أخرى وقد حرصت هذه المرة أن أنتظر حتى ينتهي العامل من كيّه، ورغم أنني حضرت إلى المناسبة متأخرا، إلا أن ذلك كان أفضل من ألا أحضرها، وبعد ثلاثة أيام استلمت من المغسلة تعويضا عن قيمة الأشمغة المفقودة!.
فستان الزفاف
ويروي عبد الله البلوي في تبوك قصة أخرى: ذهبت بفستان زفاف يخص ابنتي لغسله وكيه في إحدى المغاسل الشهيرة، وعند حضوري لاستلامها وجدت أن الفستان مقطع، وأفاد العامل بأنه وضع مادة الكلور على الفستان كي يخرج أكثر بياضا، ما تسبب في تمزيقه وعدم الاستفادة منه، وللأسف أن موعد الزواج لم يتبق عليه سوى يومين، فلجأت إلى استئجار فستان آخر من أحد المحال، وما زلت أنتظر تعويضي عن الفستان الأول من مالك المغسلة.
فستان المدام
ويتذكر حمدان الصيعري من جدة حادثة أخرى، حينما أحرقت إحدى المغاسل فستان زوجته قبل ذهابها إلى مناسبة أسرية مهمة، ولم يكتشفوا ذلك إلا في صباح يوم المناسبة.
يقول حمدان: قد لا تشعر بحجم المأزق الذي كنا فيه، ولكن تداركنا الأمر بإصلاح الفستان عند أحد الخياطين وبسعر مضاعف حتى يتم إصلاحه بشكل عاجل نظرا لضيق الوقت، ونتمنى لو خصصت مغاسل للملابس النسائية، لخصوصيتها أولا، ولطبيعة الملابس وتنوعها.
غسيل مختلط
قال يحيى الحوباني في تبوك: نعطي ملابسنا للعامل على أمل أن تغسل بمفردها، ولا نعلم هل غسلت كذلك أم مع ملابس زبائن آخرين.
فطر التينيا
عبد الله مساوى من جازان، قال: أصبت بفطر (التينيا) الملونة، مع وجود بقع بنية في بعض أنحاء جسدي لتعلق بعض هذه الفطريات في أنسجة ملابسي نتيجة خلطها مع ملابس آخرين ربما منهم مرضى بأمراض جلدية. وأشار رامي ناصر من جازان إلى تكرار استخدام ماء الغسيل مرات عدة متتالية لتنظيف كمية هائلة من الملابس، بالإضافة أن عدم اكتراث العمالة الوافدة بعزل الملابس التي تحمل بقع دم عن أخرى تكتنز أنسجتها بقايا بقع أطعمة، وثالثة تحتوي على مزيج من الزيوت والأصباغ ما أسهم في اتخاذ قرار شخصي بمقاطعة هذه المغاسل حفاظا على صحتي.
محمد عبدالراضي من جدة يقول: أعمل في المملكة منذ ما يقارب الـ15 عاما في مجال السباكة، ولم يحدث يوما أن ذهبت إلى المغاسل، فأنا أغسل لنفسي في المنزل، لكنني مضطر للذهاب إليها إذ لا وقت لدي للكي، ماعدا البطانية الخاصة بي لكبر حجمها.
المحاضرة والجاكيت
أحمد حجازي من جدة (26 عاما) يقول: أنا غير متزوج وعملية الغسل والكي تأخذ من وقتي الكثير، وليس لدي الوقت الكافي للقيام بذلك، فدراستي تستغرق كل وقتي وجهدي، لذلك تجدني دائم التردد على المغاسل.
ويسترجع حجازي موقفا حدث له ذات مرة قائلا: كان لدي محاضرة مهمة وقبلها بيوم تركت (الجاكيت) الطبي الخاص بي في المغسلة لاستلمه في صبيحة اليوم التالي، ولكن عند ذهابي للمغسلة إذا بالعامل يبحث عنه هنا وهناك دون جدوى، وفي النهاية قال:لم أغسله، فاستشطت غضبا ولكني تمالكت أعصابي واتصلت على صديق لأستلف منه (اللاب كوت) الخاص به، وبالفعل جاء صديقي وأعطانيه، فذهبت إلى المحاضرة.
أما في ما يخص النواحي الصحية داخل المغاسل، فليست هناك ضوابط تمنعهم من غسيل الملابس مع بعضها البعض، لذلك دائما ما أتجنب المغاسل التي تقع في الأحياء العشوائية المكتظة بالسكان، إذ كلما كانت المغسلة في مكان راق، كانت نظيفة.
ضعف الرقابة
يوسف العمري -أحد سكان حي الخالدية في أبها- لا يعتقد أن مغاسل الملابس تحظى بالرقابة الكافية من قبل الجهات المعنية، وأن غالبية العاملين لا تهتم كثيرا بنوعية الغسيل أو الماء المستخدم فيه.
ردا على التهم
بعد رصد هذه المواقف، ماذا يقول أصحاب المغاسل والعاملون فيها في معرض ردهم على هذه التهم الموجهة إليهم.
نور الدين علي -عامل مغسلة في تبوك- رد على الاتهامات بقوله: وضعنا إعلانا بذلك كي نجذب الزبون، أما غسيل ملابس بمفردها، فهذا أمر مكلف في استهلاك المياه ومكونات التنظيف.
خصوصية الزبائن
خالد مقيم يعمل في مغسلة في حي الموظفين في أبها، يقول: العمل في مغاسل الملابس من أكثر المهن الشاقة التي تتطلب أمانة من القائمين عليها، ذلك لأنها تلامس كثيرا من خصوصيات الزبائن.
أما جمال وهو عامل آسيوي في مغسلة في حي الوردتين في أبها، يقسم أنه يغير المياه باستمرار، وأنه يغسل ملابس زبائنه كلا على حدة؛ حفاظا عليهم من الأمراض.
تعقيم المغسلة
محمد سليم ونظام أحمد (عاملا مغسلة في جدة) يقولان: نحن نهتم بتعقيم المغسلة لمنع انتشار بعض الأمراض التي يمكن أن تنتقل عن طريق الملابس، بالإضافة لتغيير الماء بشكل مستمر. ويضيف نظام: هناك رقابة صارمة من الجهات المختصة، فهي تزورنا بشكل مفاجئ، وتوقع بحقنا بعض الغرامات ولكن ليس على النظافة، بل تصريف المياه أو عدم الاهتمام بمنظر العمال.
مغسلة بدائية
سيف الدين إسلام (عامل مغسلة في جنوب جدة) يقول: أعمل في منطقة شعبية مكتظة بالعمال، فيما النظافة معدومة بينهم، فهم يعملون طوال اليوم يتعرقون ويأكلون ويشربون بالملابس نفسها، وفي نهاية عملهم يأتون للمغسلة ويرمون ملابسهم ليأخذوها نظيفة صباحا، علما بأننا ما زلنا نعمل بشكل بدائي جدا، فليس لدينا غسالات مطورة ولا مكائن تنشيف سريعة، فالغسيل كله يدوي وتنشيف الملابس على الحبال في الهواء، لذا نستخدم أيدينا وأرجلنا في الغسيل، ويتم ذلك في منزل شعبي خلف المحل الذي نطلق عليه (مغسلة).
مغسلة مستشفى الطائف
لا يختلف الوضع كثيرا في الطائف، سوى أن المغسلة هذه المرة لملابس ولحف المرضى في مستشفيات الملك فيصل والأطفال والأمراض الصدرية والمراكز الصحية، فيما تسعى الشؤون الصحية للتعاقد مع مغسلة ملابس جديدة، بعد أن رصدت لجانها المشكلة، ووجود أكثر من 11 مخالفة ضد المغسلة الحالية من ناحية تسليم غسيل مرضى الدرن للأقسام الأخرى، وكذلك استبدال (شراشف) المستشفى الجديدة بأخرى قديمة، ووصول بعض الغسيل مبتلا إلى المستشفى.
ورصدت عدسة «عكاظ» أن مبنى المغسلة عبارة عن حوش من البلك مغطى بزنك وعازل حراري، بينما يوجد مكبسان للكي في حالة سيئة، وصدأ في عربات نقل الملابس، وتمديدات كهربائية مكشوفة، وطفاية حريق واحدة منتهية الصلاحية، فيما طاولات الفرز عبارة عن صاج من الحديد قد استخدم لتغطيتها مفارش من البلاستيك، بينما المكان المستخدم لتجفيف الملابس لا يصلح للغرض المستخدم له، فهو عبارة عن حوش ترابي بداخله بعض المخلفات والإطارات القديمة والجوالين الفارغة وخلاط خرساني.
وذكرت المصادر أن هذه المغسلة هي الثانية التي يتم إغلاقها، مشيرة إلى أن المغسلة الجديدة التي سيتم التعاقد معها خلال الأشهر المقبلة، ستكون نموذجية من حيث موقعها داخل المستشفى، والتزامها بكل المواصفات والمقاييس المحددة من حيث النظافة واشتراطات السلامة، غير أن الناطق الإعلامي في صحة الطائف سعيد الزهراني لم يعلق على إغلاق المغسلة القديمة أو التعاقد مع مغسلة جديدة، وقال إنه طلب منذ فترة تقارير حولها من إدارة المشاريع والصيانة للرد عليها، فيما طالبت إدارة الشؤون الصحية قبل 6 أشهر باعتماد توصية اللجان التي رصدت هذه المخالفات وتنفيذها بدقة والبحث عن مغسلة جديدة.
أسعار المغاسل
إلى ذلك، أكد مدير عام صحة البيئة في أمانة العاصمة المقدسة الدكتور محمد أمين هاشم أن الأمانة لا تفرض أسعارا محددة على مغاسل الملابس، وأن ذلك يعمد تماما على مستوى الخدمة التي تقدمها المغسلة وعلى نوعية الملبوسات الذي جرت عليه الخدمة.
وأضاف فيما لو فرضت الأمانة أسعارا محددة على المغاسل سوف يكون هناك تراخٍ في البحث عن رفع مستوى الخدمات الإضافية، لا سيما أن مكة المكرمة تستقطب أطيافا مختلفة من كافة أنحاء العالم، ولا يكون هناك تدخل في قوائم الأسعار سوى في عرضها بشكل لافت للزبون.
وعن مسؤولية صحة البيئة تجاه مراقبة هذه المغاسل، أوضح أنه يجري الكشف بشكل دوري على المغاسل من خلال فرق المراقبة الميدانية، للتأكد من تنفيذ الاشتراطات الصحية في مواقع الغسيل والتخزين، كما فرضت أمانة العاصمة المقدسة أخيرا غرامات مالية ضد عمليات تبديل الملابس داخل المغاسل.
وحول المخالفات التي يتم رصدها ضد بعض المغاسل أوضح أن مصادر المياه الملوثة إحدى المخالفات التي يتم رصد العقوبات ضدها، مبينا أن العقوبات تتدرج بدءا من الغرامات المالية وانتهاء بإغلاق المنشأة، ولن تقوم أمانة العاصمة المقدسة بتنفيذ جميع المهمات دون تضافر جميع الجهود، كما أن المواطن هو عين الرقيب بحكم ملامسته للواقع بقدر أوسع من الجهات المسؤولة نفسها.
جولات ميدانية
من جانبه، أكد مدير عام صحة البيئة في أمانة الشرقية الدكتور خليفة السعد، أن الجهات الرقابية في الأمانة تقف في جولات ميدانية على مدى التزام مغاسل الملابس بالاشتراطات الصحية، مشيرا إلى أن الأمانة فرضت غرامات وجزاءات على بعض المغاسل غير الملتزمة بالاشتراطات الصحية، كما أن الأمانة عمدت لإغلاق بعض المغاسل التي تكررت مخالفاتها، مقرا في الوقت نفسه بوجود نوع من القصور في عملية الرقابة والجولات الميدانية على مغاسل الملابس بسبب نقص الكوادر البشرية، مشددا على أن نقص المراقبين الصحيين لا يعني إغفال الرقابة الدائمة على هذه النوعية من المحلات، مشددا أن المغاسل تدخل ضمن المحال المتعلقة بالصحة العامة لجهة استخدام المنظفات المطلوبة، وخلو العمالة من الأمراض الجلدية أو الوبائية، والتأكد من آلية تخرين المواد المستخدمة و غيرها من الاشتراطات الأخرى التي يتوجب مراقبتها بشكل دائم، خصوصا إذا عرفنا أن غياب الضوابط الصحية يسهم في انتشار بعض الأمراض.
مساحيق مضرة
عدد من أطباء الجلدية أكدوا أن البكتيريا لا تنتقل من ملابس إلى أخرى خلال عملية الغسل؛ لأنها تموت بمجرد استخدام الصابون العادي، وأرجع استشاري الأمراض المعدية في مستشفى الحرس الوطني في جدة ورئيس قسم مكافحة العدوى الدكتور كريم الثقفي إلى أن الهيئة العربية السعودية للمواصفات والمقاييس حددت أكثر من 40 مواصفة قياسية للمساحيق والغسالات واشتراطات السلامة للملابس، فضلا عن تعيين البلدية لائحة اشتراطات صحية ترغم العاملين في مغاسل الملابس على شهادات تثبت خلوهم من الأمراض العضوية، لافتا أن عدم تطبيق بعض المغاسل للشروط والأنظمة وضعف آليات مراقبتها، زاد من تجاوزاتها.
الإكزيما التلامسية
من جانبه أوضح إختصاصي الأمراض الجلدية من مستشفى فقية الدكتور محمد حسني أن الملابس لها تأثير في ظهور الأمراض الجلدية، لاسيما الإكزيما التلامسية وهي نوع من أنواع الحساسية التي تظهر على سطح الجلد نتيجة التلامس مع شيء ما، وأضاف أن هناك عاملين أساسيين في حدوث الحساسية هما مكونات الألياف القطنية والمادة الكيماوية المستخدمة في تنظيف الملابس، مضيفا أن هذا يختلف من شخص لآخر، فكلما قلت الألياف الصناعية كلما قل تأثيرها، لافتا أن الشطف الجيد للملابس من المواد ودرجة غليان ماء الغسل كفيلان بتعقيم الملابس من الميكروبات وحماية الجسم من الحساسية التلامسية.
حسام الدين طبيب أمراض جلدية في مستوصف أهلي في منطقة جازان، تحدث عن الأمراض المعدية، حيث قال لا توجد أمراض معدية تنتقل من شخص لآخر عن طريق غسل الملابس المختلطة، الذي تتبناه محال مغاسل الملابس.
وأضاف إن معظم الفيروسات والبكتيريا وكذلك الميكروبات تموت بمجرد استخدام الصابون العادي، ومن الفطريات الشائعة التي تصيب الإنسان عن طريق الملابس فطر التينيا في حين يظل أخطر أنواع الفطريات التي تنتقل عن طريق المصافحة والملامسة المباشرة هو فطر الاسكيبس Scabieies المسبب للجرب، إذ إنه ينتشر من شخص لآخر عن طريق الاتصال البدني ومن خلال ملامسة الشراشف والملاءات والملابس الحاملة للعدوى، وكذلك في البيئات القذرة كما أنه إذا وجد شخص مصاب بالجرب في نفس العائلة فيجب على جميع أفراد الأسرة أيا كانوا مصابين أم لم تظهر عليهم علامات المرض تناول دواء مضاد للجرب تلافيا لإصابتهم به، مشيرا أن هناك طرقا متبعة للحد من انتشاره وضمان عدم عودته، وذلك وضع ملابس المصاب في كيس نايلون يحكم إغلاقه لبضع ساعات تتكفل بقتل هذا الفطر ومن ثم غسلها.
وفيما يتعلق بإصابة العديد من زبائن المغاسل بأعراض جلدية تتمثل في الحكة والحساسية ذكر أن معظم هذه الأعراض تتسبب في الإصابة بها أدوات التنظيف ومساحيق الغسل وليست عملية الغسل ذاتها، ناصحا الزبون الذي يريد غسل ملابسه إزالة بقع الدم إن وجدت فيها قبل طلب غسلها حفاظا على الصحة العامة فضلا عن ذهابه إلى مغاسل ملابس ذات سمعة حسنة.
ومن الاحتياطات الواجب اتباعها من العاملين في المغاسل التابعة للمستشفيات أوضح أنه يجب على العاملين عزل ملابس المرضى وتقسيمها إلى مجموعات تتباين ما بين ملابس بها دم واضح وأخرى تحتوي على بقايا طعام وثالثة لا يوجد بها شيء من ذلك وتغسل كل مجموعة على حده وتعرض لدرجة حرارة لا تقل عن 70 درجة مئوية، في حين أن المغاسل العادية تعرض ملابس زبائنها الأصحاء إلى 40 درجة مئوية فقط، لافتا أن عدم تطبيق بعض ملاك المغاسل وعامليها الكثير من لائحة الشروط والأنظمة التي فرضتها عليهم الأمانة العامة بكل ما يتعلق بطرق الغسل وأدوات التنظيف المستخدمة، إضافة إلى قلة الرقابة على المغاسل أيا كانت بسبب قلة المراقبين أوعدم توافر آخرين مؤهلين، يعد أحد الأسباب التي تسهم في مضاعفة تجاوزاتها.
أمر لا بد منه
من جانبها، أكدت الباحثة الاجتماعية في جامعة الملك عبد العزيز في جدة، عضو برنامج الأسرة هند العسلي أنه لابد من الاعتراف بأن المغاسل أمر لابد منه، لذا يجب أخذ الحيطة والحذر عند الاستفادة من خدماتها، والاكتفاء بإرسال الملابس للكي فقط بعد غسلها في المنزل جيدا، لأن هذا يقلل الكثير من الأضرار، أما في حالات الضرورة والتي يضطر فيها الشخص إلى غسل الملابس وكيها بالمغاسل، عليه البحث عن المغاسل ذات السمعة الطيبة، ولا ينخدع بتدني الأسعار، ولا بزخرفة المحل، ومن حق الزبون الاطلاع على الكيفية التي يتم بها غسل ملابسه، لذا عليه ألا يحرج أبدا، ولا يتردد في توجيه أي سؤال بخصوص طريقة التعامل مع ملابسه، وعليه أن يتذكر دائما أن الأمراض الجلدية في الغالب لا تظهر إلا بعد فترة قد تصل إلى شهر، وفي بعض الأحيان سنة، وأوضحت أن أمراضا جلدية ناتجة عن ميكروبات وطفيليات تظهر في الجلد على صورة بقع إما بنية أو بيضاء اللون، وقد تظهر على صورة قروح وحكة شديدة، ومن أشهر الأمراض الناتجة عن الفطريات التينيا الملونة، وأخطر الطفيليات التي تنتقل عن طريق الملابس من شخص لآخر القمل، عدا الأمراض الجرثومية التي تنتقل مع الرذاذ الذي قد يختلط بالملابس مثل السل والفطريات.
وأوضحت العسلي في هذا السياق أن مرض الجرب يحتاج إلى تلامس مباشر بين شخصين لتتم العدوى، إلا أن بعض حالات الجرب انتشرت في بعض الأسر، ولم يكن هناك سبب للعدوى، سوى أن أحد أفراد الأسرة اعتاد على غسل ملابسه في المغاسل العامة، منوهة أن عدم تطبيق المغاسل للطرق المتبعة للسلامة عالميا، يؤدي لانتشار الأمراض، فبعض المغاسل تقوم بعملية الغسل بطرق خاطئة وخطرة تؤدي إلى انتشار الأمراض الجلدية من خلال العدوى وانتقالها من شخص لآخر، لإهمالها الطرق والقواعد المتبعة عالميا للحفاظ على الملابس وعدم استخدامها مواد خاصة لتعقيم الملابس، فأكثر المغاسل تضع الماء في الغسالة صباحا، ولا تقوم بتغييره إلا في المساء، والبعض لا يبالي بتكدس ملابس الزبائن مع بعضها بدون اتخاذ بعض الاحتياطات، وكذلك فإن بعض الملابس توضع في حوض الاستحمام «البانيو» ويتم دهسها بالأرجل، والبعض ينظف الملابس بفرشاة أقرب ما تكون لفرشاة كنس الزبالة!.
تغيير الماء ست مرات
وأضافت العسلي أن من الطبيعي عدم إمكانية غسل ملابس كل زبون على حدة، ولكن لا بد من تغيير الماء خلال الغسلة الواحدة ست مرات، وتتم إضافة مادة معقمة خاصة في كل مرة يتم فيها تغيير الماء، إضافة إلى مواد قاتلة للبكتيريا، علما بأنه لابد من استخدام مياه محلاة لغسل الملابس.
ملابس متسخة وملوثة
وبدورها أوضحت حصة العنزي ــ ممرضة مكافحة عدوى في مستشفى الملك خالد في تبوك ــ أن الملابس التي يتم غسلها في المغاسل تنقسم إلى قسمين: ملابس متسخة غير ملوثة وهذه الملابس ليس هناك ضرر في غسلها مجتمعة في حالة استخدام مسحوق غسيل مطابق لمواصفات الجودة وبتركيز صحيح ودرجة حرارة مياه 80 درجة، والملاءات شديدة الاتساخ وملوثة بدم أو سوائل أو قاذورات من الجسم وهذه يجب أن تغسل لوحدها في دورة غسل منفصلة وتعاد الدورة في حالة عدم نظافتها.
وبالنسبة لمغاسل المستشفيات فإن الملابس والملاءات والشراشف، فهذه تصنف كوننا نعرف حالة المريض مسبقا، ويتم غسلها بناء على ذلك.
وأشار خالد عسيري مراقب بلدية في أبها إلى ضرورة وجود جولات تفتيشية دورية على مغاسل الملابس كغيرها من المحال ورصد العديد من المخالفات التي يرتكبها بعض العمالة الذين يقودهم الجشع للبحث عن الربح فقط.
وشدد محمد هادي رجل أعمال في أبها على ضرورة وضع آليات معينة من خلالها يتم تطوير عمل المغاسل ونظافتها، وذلك يكمن في دور فرق التفتيش حيث يجب مراعاة تطبيق عدم وجود رخصة محل أو عدم تجديدها، أوعدم وجود شهادات صحية سارية الصلاحية.
فيما طالب أحمد حكمي في جازان على تطبيق المواصفات والمقاييس السعودية للمساحيق والغسالات واشتراطات السلامة للملابس، إضافة إلى تعيين البلدية لائحة اشتراطات صحية ترغم العاملين في مغاسل الملابس على شهادات تثبت خلوهم من الأمراض العضوية، والقيام بحملات تفتيشية للتأكد من مدى ملاءمة المكان ونظافته خلال عمليات الغسل.
حلول المعالجة
رأى عدد من الخبراء ضرورة تطوير مغاسل الملابس من خلال تفعيل العملية الرقابية وتفعيل الاشتراطات الحالية وتنفيذ خطط تفتيشية تليها خطط متابعة، إضافة إلى إعداد نشرات توعية وتثقيف صحي موجهة لمالكي المغاسل والزبائن إلى جانب مقترحات لتطبيق الإجراءات اللازمة لحماية العاملين في المغاسل من انتقال الأمراض عبر الملابس الملوثة والتقيد بالزي الموحد لجميع العاملين، وإيجاد آلية ملزمة للتعامل الخاص مع الملابس الملوثة ببقايا الدم والملابس الداخلية والملابس شديدة الاتساخ، بإجراء عمليات فرز للملابس، وتصنيفها بحسب درجة اتساخها وبحسب نوعها وتحديد وسائل التعامل مع كل صنف، لضمان معاملة هذه الملابس بمواد فعالة تقضي على الميكروبات المعدية.
لا علاقة للشورى
أكد كل من الدكتور طلال بكري والدكتور محمد الشريف عضوا الشورى، إن مثل هذه الأمور لا تتعلق بالمجلس، ومن حق الوزارات المعنية أن تحدد اللوائح والعقوبات، والمجلس له دور آخر ولا يتدخل في عمل الوزارات.